لا ينقلب عليك الجواب إنكارا علنيا على ولاة الأمر، فتخالف قوله صلى الله عليه وسلم من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية وليأخذ بيده فيخلو به.. وكما صنع الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه حينما أنكر سراً، فهذا هدي الصحابة! وقد أوضحت ذلك في الرد المعلن على مجيز الإنكار على الولاة بالعلن، وبينتُ بحمد الله أنه ليس مع من نسب الإنكار العلني إلى الصحابة إلا الشبه الواهية، (حجج تهافت كالزجاج تخالها … حَقًا وكل كاسر مكسور)
قال أبو المظفر السمعاني:
وَإِنَّمَا كَانَ الْأَمر كَذَلِك لِأَن وَاحِدًا من الْفَرِيقَيْنِ لَا يعْتَمد فِي مقَالَته أصلا صَحِيحا وَإِنَّمَا هُوَ آراء تتقابل وأوضاع تَتَكَافَأ وتتعادل. كما في «الانتصار لأصحاب الحديث» (ص72).
وتأمل قول الإمام السلفي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حينما سئل عن النشيد الوطني:
ما رأيك يا شيخ بما يُسْمَى باليوم الوطني، وفي بعض الدول بالعيد الوطني؟ الشيخ: رأيي في هذا -بارك الله فيك- أن توجه السؤال إلى المسئولين عن هذا التنظيم، وهم يجيبونك. «لقاء الباب المفتوح» (3/ 20 ) لم يزد على ذلك!
وفي موضع آخر، قال رحمه الله:
على كل حال أرى أن الذي يجب أن يُسأل عنها هم الذين بيدهم إلغاؤه أو إبقاؤه، وهذه قاعدة أحب أن يتنبَّه لها من يُستفتَى، يأتي مثلاً بعض الناس ممن هم تحت إدارة معينة، ويكون في هذه الإدارة بعض التجاوزات، وبعض المنكرات، فيأتي أحد الإخوة يسأل عنها، ربما يجيب المجيب بحسن نية، فيتخذ السائل من هذا الجواب سُلَّماً للمنازعة مع المسئولين والتشويش عليهم، ولا يحصل المقصود؛ لأن المسئولين إذا جاءهم الأمر من أسفل قد لا يخضعون ولا يستجيبون، ويزيدون في ما هم عليه؛ لكن يجب أن تُعالَج هذه الأمور من فوق
«لقاء الباب المفتوح» (42/ 12)