الشيخ أحمد النجمي رحمه الله أحد العلماء السلفيين رحمه الله، وكان مفتي جنوب المملكة العربية السعودية، معروفا في صدعه بالحق والكلام على التنظيمات السياسية كالإخوان المسلمين والسرورية والقطبية، ولهذا كانت ترده الأسئلة من المشرق والمغرب عن هذه المناهج المحدثة، وقد توفي رحمه الله سنة 1429، أي قبل 15 سنة، ولا أظنه لو كان حيا يخيل إليه أن سلفيا هو الذي يتبنى هذه المناهج!
السَّائِل:
يا فضيلة الشيخ ما هو مذهب السلف في مناصحة ولاة الأمر والإنكار عليهم ؟
وهل من أساليب الدعوة التشهير بأخطاء ولاة الأمر من على المنابر بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
جَوَاب الشّيخ أحمد النجمي رحمه الله:
“الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على أمة الإسلام وعلى العلماء بالنسبة لولاة الأمور , ولكن لا بد أن يصحب هذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحكمة التي-يعني- يؤدى بها , فينبغي مناصحة ولاة الأمر سرا إما في مجلس خاص أو مكاتبة لهم بطريقة سرية , فهذه هي الطريقة الناجحة , أما التشهير بولاة الأمر على المنابر فهذه طريقة غير سلفية بل هي طريقة دخيلة , ولقد قيل لأسامة بن زيد : ألا تنصح أمير المؤمنين ؟ قال : “أتظنون أني لا أنصحه إلا أن أسمعكم ؟ إني لأنصحه “, يعني ينصحه سرا , فهذا يدل على أن النصيحة ينبغي أن تكون لولاة الأمر , تكون بطريقة سرية , أما التشهير فإنه يثير فتنة ويوغر قلوب المسلمين عليهم مما يؤدي إلى القيام عليهم وعدم الخضوع لهم وما أشبه ذلك , وهذا أمر لا يجوز, نعم.
السَّائِل: طيب يا شيخ, من يستدل على الخروج على ولاة الأمر بفعل سعيد بن جبير – رضي الله عنه – ويقول أنه خرج على الحجاج ولذلك يجيز الخروج . جواب الشيخ : سعيد بن جبير ليس هو المشرع , المشرع هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ،فلا يجوز لنا أن نستدل بفعل سعيد بن جبير ولا غيره , إذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – قد قال { لا, إلا أن تروا كفرا بواحا معكم من الله فيه برهان } { لا , ما أقاموا فيكم الصلاة } هكذا يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – , إذن فالذي يستدل بفعل سعيد بن جبير وخروجه على الحجاج ويترك ما أمر به الرسول – صلى الله عليه وسلم – من عدم الخروج , هذا يعني كيف يكون حاله ؟ إنه جعل سعيد بن جبير هو المشرع له دون النبي – صلى الله عليه وسلم – , والواجب على كل مسلم أن يكون إمامه هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – , وهو المشرع الذي لا يجوز لأحد أن يترك شرعه وأن يعدل عنه إلى غيره , وهو – سبحانه وتعالى – يقول: وَمَا { آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } ( الحشر 7) ويقول الله – عز وجل – أيضا : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } ( الأحزاب36) ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم – { ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم } أو كما قال – صلى الله عليه وسلم – ,نعم.” [أسئلة في المنهج (ص. 18)]
وقال في الصواقع النازلة على الأفكار الباطلة (ص. 7):
“منهج السلف في الانكار على ولاة الأمور أن يكون سِرًّا , وأنه لا يجوز أن يقف الشخص على منبر من المنابر ويقول أن فلانا كذا وكذا وأن فلانا كافر وأنه وأنه ؛ هذا لا يجوز ! أولا لأنه ينشر عدم الثقة في وُلاة الأمر , وإذا تزعزعت الثقة في ولاة الأمر بين العامة , نشأ عن ذلك التمرد على وُلاة الأمر , فإذا نشأ التمرد على وُلاة الأمر فإنه حينئذ ينشأ عن هذا الاقتتال , ينشأ عن هذا نشر الخوف بدل الأمن , ينشأ عن هذا أمور كثيرة حذر منها الشارع الحكيم – صلى الله عليه وسلم – حيث يقول : { من خرج من السلطان شبرا فمات , مات ميتة جاهلية } , من خرج من السلطان يعني من تحت رعاية السلطان وحمايته ؛ خرج من ذلك شبرا مات ميتة جاهلية , إذن فهذا لا يجوز , والذين يفعلون هذا الأمر هؤلاء خوارج يعتبرون خوارج , نعم !
والخروج ينقسم إلى قسمين :
- خروج باللسان و الأقوال : وهو الذي يُؤَدِّي إلى:
- الخروج بالفعل ونشر الفوضى والتقاتل و قطع الطرق وتكفير ولاة الأمر وما أشبه ذلك , نعم !”
وفي الفتاوى الجلية عن المنهاج الدعوية (ص. 4) مثل هذا الكلام. أرأيت كيف أبدأ وأعاد ووضح وزاد للحاجة إلى ذلك، وهذا مِن نصحه -رحمه الله- وحرصه على جماعة المسلمين وبيضتهم وتحصينهم من مذاهب السوء.