قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وكذلك حديث عاشوراء، والذي صح في فضله هو صومه، وأنه يكفر سنة، وأن الله نجى فيه موسى من الغرق، وقد بسطنا الكلام عليه في موضع آخر، وبينا أن كل ما يفعل فيه – سوى الصوم – بدعة مكروهة، لم يستحبها أحد من الأئمة، مثل الاكتحال، والخضاب، وطبخ الحبوب، وأكل لحم الأضحية، والتوسيع في النفقة، وغير ذلك، وأصل هذا من ابتداع قتلة الحسين ونحوهم.وأقبح من ذلك وأعظم ما تفعله الرافضة من اتخاذه مأتما يقرأ فيه المصرع، وينشد فيه قصائد النياحة، ويعطشون فيه أنفسهم، ويلطمون فيه الخدود، ويشقون الجيوب، ويدعون فيه بدعوى الجاهلية.إوقد ثبت في الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ” «ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية» “.وهذا مع حدثان العهد بالمصيبة، فكيف إذا كانت بعد ستمائة ونحو سبعين سنة؟ وقد قتل من هو أفضل من الحسين، ولم يجعل المسلمون ذلك اليوم مأتما.وفي مسند أحمد عن فاطمة بنت الحسين – وكانت قد شهدت قتله – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ” «ما من مسلم يصاب بمصيبة، فيذكر مصيبته وإن قدمت، فيحدث لها استرجاعا، إلا أعطاه الله من الأجر مثل أجره يوم أصيب بها» “.فهذا يبين أن السنة في المصيبة إذا ذكرت، وإن تقادم عهدها، أن يسترجع، كما جاء بذلك الكتاب والسنة.قال تعالى: {وبشر الصابرين – الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون – أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.وأقبح من ذلك نتف النعجة تشبيها لها بعائشة، والطعن في الجبس الذي في جوفه سمن تشبيها له بعمر، وقول القائل: يا ثارات أبي لؤلؤة! إلى غير ذلك من منكرات الرافضة، فإنه يطول وصفها. والمقصود هنا أن ما أحدثوه من البدع فهو منكر، وما أحدثه من يقابل بالبدعة البدعة، وينسب إلى السنة، هو أيضا منكر مبتدع. والسنة ما سنه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهي برية من كل بدعة، فما يفعل يوم عاشوراء من اتخاذه عيدا بدعة أصلها من بدع النوا صب، وما يفعل من اتخاذه مأتما بدعة أشنع منها، وهي من البدع المعروفة في الروا فض.” انتهى من منهاج السنة النبوية (8/ 151).