براءة التعلم من التعمق

إياك أن يُخَيِّلَ لك الشيطانُ أن الاستزادة في العلم والتعلم تؤدي إلى التعمق المذموم، وأن حالك مع الجهل خير من “التعمق” في العلم! يريد بذلك أن يحول بينك وبين ما ينفعك في دينك.

كيف وقد قال الله تعالى لرسوله ‎‎ﷺ {وقل رب زدني علما} قال بعض المفسرين: ولم يأتِ أنه تعالى أمر رسولَه بالاستزادة في شيء سوى العلم.

أما التعمق فهو مذموم، لكنه ليس الاستزادة من العلم وإنما هو أمر آخر، وهو مخالفة هدي الرسول ‎ﷺ ومجاوزة الحد والتكلف.

كما جاء في حديث أنس رضي الله عنه، قال: واصَلَ النبيُّ ﷺ آخر الشهر، وواصَل أناسٌ من الناس، فبلغ النبيَّ ﷺ فقال: «لو مُد بي الشهر لواصلتُ وصالا يدع المتعمقون تعمقَهم، إني لست مثلكم، إني أظل يطعمني ربي ويسقين» رواه البخاري ومسلم.

فالتعمق هاهنا ليس هو التعلم، بل علموا ذمه للوصال. يوضح هذا معنى التعمق في اللغة، قال في الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (4/ 1533): “تَعَمَّقَ في كلامه، أي تنطَّعَ.”

وللتعمق صور أخرى ليس هذا موضع ذكرها، وإنما المقصود الحض على التعلم والاستزادة منه، وبراءة التعلم من التعمق؛ أما أن نلوم العلم والتعلم على جناية أهل الأهواء فتصور خاطئ وكما في المثل: قال الحائط للوتد: لم تشقني؟ قال: سل من يدقني . فاللوم ليس على العلم والتعلم وإنما بجنايةٍ تقع من المعلّم أو المتعلم.

علي السالم