قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:”العُقَيْلي إنما يُضَعِّف -أحياناً-: بالمخالفة في الإسناد، أو الإغراب.”
[ لسان الميزان (3/ 523) ]
العقيلي هو أبو جعفر محمد بن عمرو، أحد حفاظ الحديث وثقاتهم في القرن الرابع من الهجرة، توفي سنة 322 هـ،، له كتاب “الضعفاء الكبير” مطبوع متداول، تجد قائمة بمخطوطات كتابه في “خزانة التراث” إصدار مركز الملك فيصل، ولم نر إلى الآن غيره، ولم يذكر ابن خير الإشبيلي في الفهرست سواه، ولا الذهبي في السير (15/ 236)، لكن ربما كانت له مصنفات كثيرة، فقد قال فؤاد سزكين في تاريخ التراث العربي (1/ 350): “وكان محدثا ثقة، ومؤلفا، كثير التصانيف.” وذكره الكتاني الفاسي المغربي في كتابه “الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة” (ص. 144) وقال:” ..ذي التصانيف الثقة العالم بالحديث..” وقد ذكره الباباني في هدية العارفين (2/ 33) قال: من تآليفه “الْجرْح وَالتَّعْدِيل، كتاب الضُّعَفَاء الْكَبِير.” كما ذكر صاحب معجم تاريخ التراث الإسلامي (4/ 3019) من تصانيفه: الأول: أسماء الضعفاء من رواة الحديث ومن نسب إلى الكذب ووضع الحديث، والثاني: كتاب الضعفاء والمتروكين في الحديث. فقد ترجع كل هذه المخطوطات إلى مصنف واحد، وهو الضعفاء الكبير، فالله أعلم.
والمقصود، الكلام على العقيلي ومنهجه في الحديث، ومما عد من تعنتات العقيلي إدخاله علي ابن المديني -أحد فرسان الحديث وعلله- في كتاب “الضعفاء الكبير”، حيث قال فيه (3/ 235) رقم: 1237: “علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح [يعني ابن المديني]، جنح إلى ابن أبي داود والجهمية، وحديثه مستقيم إن شاء الله.”
ولم يرتض الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال (3/ 138) قوله هذا، قال: “فبئس ما صنع.” ثم ذكر ما قيل في إمامة ابن المديني، وذكر كلاما أغلظ فيه القول على العُقيلي، أوله:”أفما لك عقل يا عقيلي، أتدرى فيمن تتكلم، وإنما تبعناك في ذكر هذا النمط لنذب عنهم ولنُزَيف ما قيل فيهم، كأنك لا تدرى أن كل واحد من هؤلاء أوثق منك بطبقات، بل وأوثق من ثقات كثيرين لم توردهم في كتابك، فهذا مما لا يرتاب فيه محدث، وأنا أشتهى أن تعرفني من هو الثقة الثبت الذي ما غلط ولا انفرد بما لا يتابع عليه.” ميزان الاعتدال (3/ 140).
وكأن الذهبي رحمه الله عاب على العقيلي أصلا إدخاله ابن المديني في كتاب الضعفاء، لكن قد يجاب عن هذا بأن العقيلي استند في كلامه إلى أقوال وردته في قصة المحنة، هي في أصلها ثابتة، وإن كان التعديل والتوثيق -بله إمامة ابن المديني- في الرواية هو الذي عليه أهل الحديث، وأنه ترخص في المحنة، فله عذره.فالتحقيق، أن العقيلي رحمه الله لم يتكلم على ابن المديني من جهة الرواية، بل صرح بأنه مستقيم الحديث، ولكن ذكر بعض ما قيل فيه من أمر المحنة.
أما قول الذهبي: “أوثق منك بطبقات” والإلزام بتعريف الثقة، فأترك لكم -أصحاب الحديث- التأمل، إن كان -حقيقةً- له علاقة بكلام العقيلي ويؤثر فيه؟!
وكتب،علي.