للخوارج عقائد قد تنتحلها وأنت لا تشعر

الخوارج لسوا صنفا واحدا، يشتركون في جميع معتقداتهم، بل هم أصناف، وقد يشابههم غيرهم في بعض عقائدهم.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

“وقد حكى أرباب المقالات عن الخوارج أنهم يجوزون على الأنبياء الكبائر، ولهذا لا يلتفتون إلى السنة المخالفة في رأيهم لظاهر القرآن وإن كانت متواترة؛ فلا يرجمون الزاني ويقطعون يد السارق -فيما قل أو كثر- زعما منهم على ما قيل أن لا حجة إلا القرآن، وأن السنة الصادرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ليست حجة!

بناء على ذلك الأصل الفاسد، قال من حكى ذلك عنهم: إنهم لا يطعنون في النقل لتواتر ذلك وإنما يبنونه على هذا الأصل، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في صفتهم: “إنهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم” يتأولونه برأيهم من غير استدلال على معانيه بالسنة، وهم لا يفهمونه بقلوبهم، إنما يتلونه بألسنتهم.

والتحقيق أنهم أصناف مختلفة؛ فهذا رأي طائفة منهم، وطائفة قد يكذبون النقلة، وطائفة لم يسمعوا ذلك ولم يطلبوا علمه، وطائفة يزعمون أن ما ليس له ذكر في القرآن بصريحه ليس حجة على الخلق، إما لكونه منسوخا أو مخصوصا بالرسول، أو غير ذلك، وكذلك ما ذكر من تجويزهم الكبائر: فأظنه والله أعلم قول طائفة منهم.”[1]

ومن أسوأ المزاعم، أن يُقال الخوارج قوم قد مضوا وقضوا، بل هم اليوم كثير، وما كان مذموما فيهم، فقد ينتحله كثير من الناس شعروا أو لم يشعروا، منها: البدع السياسية القائمة على منازعة ولاة الأمور، سواء كان خروجا بالسيف والسلاح، أو خروجا على طريقة الأنظمة الحديثة، ومنها: الطعن في السنة، فإن ذا الخويصرة طعن على النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه، وهذا فيه إشارة إلى “أنه إذا طعن في وجهه فهو على سنته بعد موته وعلى خلفاءه أشد طعنا” [2]

وحصر صفات الخوارج يطول والمقصود الإشارة.


[1] الصارم المسلول على شاتم الرسول (2/ 350).

[2] المصدر نفسه.