أقبل موسم الشتاء، ومعه تنشط للخَرَجات الربيعية(طلعة البَرّ): التنظيماتُ السياسية الإسلامية، وأشهرها بلا منازع الإخوان المسلمون، بل هي أمهم جميعا، ومن رحمها خرجوا ومن منهجها رضعوا ونبت عليه لحمهم: القطبية السرورية التراثية وغيرهم.
فلماذا حُببت إليهم هذه الخرجات (طلعة البَرّ)؟ أهو التحنث (التعبد) أو -حقيقة- هو التحزب وما يصحبه من دعوة الأبرياء إلى بدع الخروج والانحراف السياسي؟ إن كان التعبد فالمساجد هاهي قد هيأها ولاة الأمور للذكر والصلاة وقراءة القرآن، وإن كان الثاني وهي الحقيقة بلا شك، فيجب عليك أيها القارئ الكريم أن لا ترسل إليهم فلذة كبدك ليفسدوا دينه وخلقه! فلهذا شواهد، ومن كان خبيرا بهم، يعلم صحة هذا.
وفتاوى أهل العلم في هذا كثيرة، يحذرون من هذه الخَرَجات التي يخلون فيها بأبنائكم،
وممن تلكلم في هذا الشيخ الفحل أحمد النجمي رحمه الله، حيث سئل:
هل الذهاب بالشباب إلى الخلوات ( أي الأماكن التي ليس فيها سكان ) من منهج الإخوان المسلمين ؛ أم أن الأمر بخلاف ذلك ؟
فأجب رحمه الله :
نعم هذه طريقتهم فهم يقولون نذهب ونقرأ القرآن ، وما أشبه ذلك من الأمور فيسرون في الليل إلى
أماكن بعيدة ، ويجلسون هناك ، وعندهم أناشيد ، وما شابهها من البدع ، حتى أني أذكر أنه مرة قبل حوالي 12
سنة أو 15 سنة دعيت إلى معسكر ، فقدم لي سؤال بأن أناساً يذهبون بعد صلاة العشاء إلى مكان بعيد عن السكن
ويزعمون ؛ بأنهم يقرءون القرآن , ويتعبدون في ذلك المكان , فهل ترى أني أخرج معهم أو لا اخرج ؟
فقلت له : لا تخرج :
1 – لأن هؤلاء القوم إن كانوا صادقين فيما يدعون وبأنهم يريدون العبادة , ينبغي لهم أن يجلسوا في المسجد .
2 – إني أخاف عيهم إذا كان عددهم قليل , ومعهم طفل صغير ؛ ربما يطغيهم الشيطان ويحصل منهم ما يحصل , وحتى أن بعضهم جاء إلي وعاتبني , وقال أنت تقول وتقول , فقلت له أليس السلف ينهون عن مصاحبة الأمرد ؟ قال : نعم وإن بعضهم كان يجلسه خلف ظهره , فالمهم أن عملهم هذا فيه خطر , ومثل هؤلاء إنما يعملون هذا العمل لإمور ؛ يريدون أن يتستروا عليها , وأن يتخفوا بها بمعنى أنهم سيصرحون بأقوال للموجودين معهم , ولا يستطيعون أن يصرحوا بها إذا كانوا في مجمع كبير وإنما يصرحون بها ؛ عند من يثقون به , فنسأل الله أن يهدينا وأياهم سواء السبيل , وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه .”[1]
فإياك أن ترسل ابنك إليهم، ولا تأخذك في هذا الحكم -الذي يراه ابنُك قاسٍ في الظاهر- رأفةٌ في دين الله إن كنتَ تريد حمايته من فساد الدين والدنيا، وبالأخص، إن كنتَ تريد ألا تراه صريعاً يوماً ما، متلطخاً بدمائه في عملية انتحارية! فإن سلِم من ذلك، فلا يَسلَم من فساد عقله ودينه، وقد يُنتهك! فهؤلاء فاسدوا الدين والأخلاق، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: ” فقلّ من تجد في اعتقاده فسادا إلا وهو يظهر في عمله.”[2]
ها قد نبهناك، فإن الأبناء مسؤولية كما قال ﷺ: «ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع، وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته» متفق عليه، وقال ﷺ «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت»[3]، ومن أعظم التضييع أن ترمي أبناءك في أحضان بدعة التنظيمات السياسية الإسلامية!
[1] الفتاوى الجلية عن المنهاج الدعوية (ص. 33).
[2] اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1/ 121)
[3] رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني ولمسلم نحوه.
أبو هاجر says:
جزاك الله خيرا
aalsalem1 says:
وإياك حفظك الله